كيف ستتعافى شركات التكنولوجيا من أزمة البيع الحادة؟
هل ستستطيع شركات التكنولوجيا التعافي من موجة البيع الأخيرة؟ شهدت الأسواق العالمية موجة بيع قوية طالت مختلف القطاعات، ولكن القطاع التكنولوجي كان الأكثر تأثراً بهذه التراجعات. في فترة زمنية قصيرة، هبطت أسهم التكنولوجيا بشكل حاد، وبلغت خسائرها مستوى قياسي، حيث اقتربت فاتورة الخسائر من تريليون دولار عند افتتاح الأسواق، قبل أن تتقلص هذه الخسائر لاحقاً.
أغلقت بورصة وول ستريت على انخفاض حاد، حيث سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 هبوطاً بنسبة 3%، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ سبتمبر 2022. أما مؤشر ناسداك المركب، الذي تهيمن عليه شركات التكنولوجيا، فقد انخفض بنسبة 3.4%. وكانت عمليات البيع واسعة النطاق، حيث هبطت أكثر من 95% من أسهم مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
في قطاع التكنولوجيا، عانى المستثمرون من ضغوط كبيرة، حيث تراجعت أسهم شركات كبرى مثل إنفيديا بنسبة 15% في بداية الجلسة، قبل أن تغلق منخفضة بنسبة 6%. وقد تسببت التقييمات المرتفعة السابقة للأسهم، والتي نمت بسبب التفاؤل المفرط حول إمكانيات الذكاء الاصطناعي، في زيادة تعرضها للتقلبات.
أثرت التراجعات أيضاً على شركات مثل أمازون، ألفابت، ومايكروسوفت، التي واجهت نتائج أقل من توقعات المحللين. وعانى مؤشر ناسداك من أسوأ فترة له منذ عامين، مما يبرز التحول الحاد من التفاؤل السابق بشأن الإنفاق على الذكاء الاصطناعي.
في سياق الخسائر، تراجعت أسهم شركة أبل بنسبة 4.82%، ليبلغ إجمالي قيمتها السوقية 3.181 تريليون دولار، بينما تراجعت أسهم مايكروسوفت بنسبة 3.27% لتصل قيمتها السوقية إلى 2.937 تريليون دولار. أما أسهم إنفيديا، فقد هبطت بنسبة 6.36%، بينما انخفضت أسهم ألفابت بنسبة 4.61%، وأمازون بنسبة 4.10%.
أسباب التراجع
أوضح محمد سعيد، العضو المنتدب لشركة IDT للاستشارات والنظم، أن الخسائر الكبيرة التي طالت شركات التكنولوجيا ليست مقتصرة على هذا القطاع فقط، بل طالت الأسواق العالمية بشكل عام. وأشار إلى أن هناك عدة عوامل وراء هذه الخسائر، منها:
- التقارير الاقتصادية السلبية: التقرير الأخير حول الوظائف في الاقتصاد الأمريكي أظهر إضافة 114 ألف وظيفة فقط، وهو أقل بكثير من التوقعات، مما يزيد المخاوف من احتمال حدوث ركود.
- التقييمات المرتفعة: صعود أسهم التكنولوجيا بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة جعلها أكثر عرضة للتقلبات، حيث أصبحت هذه الأسهم عرضة لموجات بيع حادة عندما بدأت معنويات السوق تتغير.
- نتائج الشركات: رغم أن نتائج أعمال معظم شركات التكنولوجيا كانت إيجابية، إلا أن بعض النتائج جاءت أقل من توقعات المحللين، مما ساهم في تفاقم التراجعات.
على سبيل المثال، شركة إنتل شهدت انخفاضاً كبيراً في قيمتها بنسبة ربع خلال يوم واحد، وهو ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها، خاصة بعد إعلانها عن تعليق توزيعات الأرباح وتسريح نسبة من موظفيها.
فرص التعافي
يعتقد سعيد أن شركات التكنولوجيا قد تشهد تحسناً في أدائها خلال الأسابيع القادمة، بشرط أن يتم اتخاذ خطوات إيجابية مثل:
- الابتكار المستمر: تقديم منتجات وخدمات مبتكرة تلبي احتياجات السوق.
- تحسن الأوضاع الاقتصادية: دعم الاقتصاد الكلي وزيادة الإنفاق الاستهلاكي.
- تعديل التقييمات: إجراء تعديلات في تقييم الشركات لجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين.
- السيولة العالية: استثمار السيولة الكبيرة في الفرص الجديدة.
أيضاً، يمكن أن تكون قرارات البنوك المركزية، مثل الفيدرالي الأمريكي، عاملاً رئيسياً في تعويض الخسائر. تشير التوقعات إلى أن الفيدرالي قد يعقد جلسة استثنائية لتخفيض الفائدة، مما قد يساعد في تحسين الأوضاع الاقتصادية بشكل أسرع.
نظرة مستقبلية
أوضح الدكتور أحمد بانافع، خبير تكنولوجيا المعلومات، أن شركات التكنولوجيا بطبيعتها حساسة للتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية. ورغم التحديات الحالية، يمكن لهذه الشركات أن تتعافى بفضل الابتكار المستمر والاستثمار في البنية التحتية. وأكد أن الأسواق التقنية قد تواجه تقلبات، ولكن الأداء المالي الجيد يمكن أن يعزز من فرص التعافي والنمو في المستقبل.
في النهاية، يظل الاستثمار في الأسهم طويلاً، ويتطلب من المستثمرين التحلي بالصبر وتجنب اتخاذ قرارات عاطفية، مع الاستعانة بخبراء الاستثمار للحصول على المشورة اللازمة.